Site icon أنباء نت anbaa net

الصدر والمالكي يتنافسان على زعامة الشيعة …

شدد تقرير أمريكي نشره معهد واشنطن على أن ترك الديمقراطية الناشئة في بغداد تدبر أمورها بنفسها أصبح يشكل مخاطرة كبيرة .

وأكد التقرير الذي أعده مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، ديفيد شينكر، ان المقاربة التي انتهجتها إدارة بايدن لاحقاً والقائمة على عدم التدخل بعملية تشكيل الحكومة إلى تعزيز نفوذ ايران.

وأضاف التقرير “لسبب غير واضح، يبدو أن العراق – حيث خاضت الولايات المتحدة حربين رئيسيتين في العقود الأخيرة – لم يعد أولوية بالنسبة لواشنطن، لكنه،  أولوية بالنسبة لطهران”.

في ضوء جهود طهران الحثيثة لعكس مفاعيل الانتكاسة التي منيت بها في انتخابات العام الماضي، فإن ترك الديمقراطية الناشئة في بغداد تدبر أمورها بنفسها أصبح يشكل مخاطرة كبيرة.

قبل حوالي ستة أسابيع، تفاخر الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال حديث له مع صحيفة “واشنطن بوست” بأن الشرق الأوسط أصبح “أكثر استقراراً وأماناً” مما كان عليه عندما تسلم السلطة من سلفه دونالد ترامب. ومن بين الأمثلة التي ذكرها كان العراق، حيث تراجع عدد الهجمات الصاروخية ضد الجنود والدبلوماسيين الأمريكيين. وفي حين أنه محق من حيث انخفاض عدد الهجمات التي تستهدف الأمريكيين، إلّا أن هذا المقياس وحده لا يكفي لدعم ادعائه باستقرار المنطقة. فوفقاً لكافة المقاييس الأخرى تقريباً، إن العراق أقل استقراراً اليوم مما كان عليه في كانون الثاني/يناير 2021 – كما أن التهديدات المحدقة بالمصالح الأمريكية فيه قد تفاقمت.

إنه تحول ملحوظ في سير الأحداث. فقبل 10 أشهر فقط، لم يبدُ العراق مستعداً لتشكيل حكومة. واليوم، لدى الحلفاء السياسيين لإيران في العراق اليد العليا، وأن والديمقراطية الهشة في البلاد مهددة أكثر من أي وقت مضى، وللمرة الأولى منذ عقدٍ من الزمن، يظهر احتمال اندلاع أعمال عنف حتى بين الجماعات الشيعية.

لكن كان من الممكن أن يكون الوضع مختلفاً. فقد كان مقتدى الصدر الفائز الأكبر في الانتخابات النيابية التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو رجل دين   دعا خلال حملته الانتخابية إلى بناء عراق [حر] لا تهيمن عليه لا واشنطن ولا طهران. وقد فاز تحالف الصدر بالأكثرية من مجموع عدد المقاعد البالغ 329 مقعداً في مجلس النواب.

إن الصدر ليس الدواء الشافي. ففي أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أصبح “جيش المهدي” الذي أسسه الصدر من أشد المعارضين للوجود الأمريكي في العراق، وكاد رجل الدين أن يُقتل على يد القوات الأمريكية. إلا أن الصدر أظهر نفسه مؤخراً بمظهر القومي، ومحارب الفساد، وانتقد الأنشطة العسكرية التي تنفذها «قوات الحشد الشعبي» في العراق ضد الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين.

ويقيناً، أننا لا نعلم ما إذا كان رجل الدين صاحب المواقف المتقلبة سيختار في النهاية نظاماً دينياً عند وصوله إلى سدة الحكم. ففي أعقاب الانتخابات على الأقل، كان الصدر مستعداً لتشكيل تحالف حكومي ذو أغلبية من الشيعة ويشمل السنّة والأكراد .

ويقول التقرير أن الصدر والمالكي يتنافسان على زعامة الطائفة الشيعية في العراق منذ عام 2008 على الأقل، عندما هاجمت القوات الحكومية بقيادة المالكي «جيش المهدي» الذي أسسه الصدر وهزمته في “معركة البصرة”. ونظراً إلى هذا التاريخ الحافل بالعدائية، رد الصدر على تسمية “الإطار التنسيقي” في 25 تموز/يوليو لحليف المالكي محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء بالإيعاز إلى مناصريه لاحتلال مجلس النواب ومنع التصويت لانتخاب رئيس حكومة، وهذا ما فعلوه على النحو المطلوب. وبدا كما لو أن الصدر حذا حذو المتمردين الذين اقتحموا الكونغرس في 6 كانون الثاني/يناير 2021 في واشنطن.

واليوم، لم يعد الصدريون في مجلس النواب، لكنهم لا يزالون حاضرين في “المنطقة الدولية” (“المنطقة الخضراء”) في الجهة المقابلة لمجلس النواب، لمنع انتخاب السوداني. ومن ناحية أخرى، يدعو الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة بموجب قانون انتخابي معدّل – وهي مطالب يعارضها “الإطار التنسيقي”. ومع استمرار المأزق، تتصاعد التوترات في أوساط الشيعة في العراق. وبصرف النظر عن كيفية الخروج من هذا المأزق، من المرجح أن يزداد نفوذ إيران في بغداد، مما يثبط عزيمة الناخبين العراقيين الذين صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح التغيير في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

Exit mobile version