تقاريرعربي ودولي

تلاشي فرص إحياء الاتفاق النووي.. هل حان الوقت لدفنه؟

أنباء نت

علامات الاستفهام التي أحاطت أخيراً بوضع المبعوث الخاص لمفاوضات النووي الإيراني روبرت مالي، بدأت تتكشف عن إشارات ومعلومات ترجح اقتراب مهمته من نهايتها، إن لم تكن قد دخلتها فعلاً.

ردود الخارجية الثلاثاء، والأسبوع الماضي، على الاستفسارات في هذا الخصوص، انطوت على تلميحات تعزز هذا الاحتمال، خاصة وأنه قد سبقها إعلان الرئيس جو بايدن عن نيته تعيين إليوت أبرامز عضواً في” اللجنة الاستشارية للدبلوماسية العامة” في وزارة الخارجية، والذي يُعتقد أنه سيلعب، بعد تعيينه، دوراً في صياغة سياسة الإدارة تجاه ايران بعد انهيار الاتفاق النووي معها.

والمعروف أن الرئيس بايدن كان قد أعلن في 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن “موت” هذا الاتفاق، ولو أن المعنيين تعاملوا مع كلمته آنذاك على أنها زلة لسان، وبما دلّ على وجود جدل داخل الإدارة حول جدوى التمسك بدبلوماسية لا أمل منها، خاصة فريق التفاوض الذي أصرّ على مواصلة السعي رغم شبه تلاشي الاحتمالات.

ويبدو أن هذا الإصرار قد أدّى إلى وقوع رئيس الفريق مالي في مأزق، يبدو أن جهات في الكونغرس تعمل على تعميقه للخلاص منه، ومن مهمته، ودوره. فمنذ أسابيع وهو متغيّب عن عمله، وفي بعض المعلومات منذ أواخر إبريل/نيسان الماضي. المتحدث في الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قال الثلاثاء، إنه “توقف عن عمله رسمياً منذ 29 يونيو/حزيران الماضي”، مضيفاً وللمرة الثانية، أنه “في إجازة”. أو الأصح في حالة “انقطاع” عن العمل من دون ذكر الأسباب التي تبيّن أنها مرتبطة “بتحقيق أمني جارٍ أدّى إلى تعليق شهادة براءته الأمنية” التي تخوله الاطلاع على البيانات والمعلومات السرية.

والتحقيق تقوم به لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب (التي يسيطر عليها الجمهوريون)، والتي طلبت وثائق متعلقة بالموضوع من وزارة الخارجية التي سلّمتها اليوم إلى اللجنة. فالقضية كبيرة أو أن اللجنة “نفختها” لتكبيرها. ويقول مالي إن التحقيق سينتهي “قريباً” لصالحه.

البيت الأبيض رفض التعليق، وكذلك الخارجية التي اكتفت بالقول إن مالي لا يمارس مهامه الآن، وإنه لا يسعها التوسع في الشرح لأن قدرتها على “سرد التفاصيل محدودة”.

التحقيق مسيّس على الأرجح، وقد لا يفضي إلى النتائج التي توحي بها ملابسات عزل المبعوث عن مهمته. مع ذلك، لا يُستهان بموضوعه المتعلق بعدم حماية مالي لسرية المعلومات التي كانت بحوزته، حسب لجنة الكونغرس. ثم إن مالي ساهم، على ما يبدو، في مفاقمة الشبهات، حين أجرى عدة لقاءات سرية في نيويورك مطلع يونيو/حزيران مع السفير الإيراني في الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني الذي كان، ولفترة قريبة، أحد كبار المسؤولين في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

مبادرته هذه أثارت الكثير من التساؤلات والاعتراضات، خصوصاً أنها لم تفضِ إلى شيء، وكان من غير المتوقع في اعتقاد المراقبين أن تؤدي إلى أي حلحلة. وبالتالي، بدت كلزوم ما لا يلزم، وبما ضاعف النقمة في الكونغرس على هذا التحرك، كما على العملية من أساسها.

إيقاف المبعوث مالي عن متابعة مهمته للتحقيق بوضعه، معطوفاً على فشل المراهنة على خيار المفاوضات بعد حوالي سنتين من المحاولات، عزز التوقعات بوصول عملية إحياء اتفاق 2015 إلى نهاياتها. فالوقت قد فات لتجديده والمعطيات تغيّرت. يضاف إلى ذلك أن الإدارة توصلت إلى خلاصة بأن إيران “لا تسعى حالياً إلى تطوير أسلحة نووية”، حسب التقرير الأخير لوكالة الاستخبارات الوطنية (التي تشرف على كافة وكالات الاستخبارات الأميركية الـ16 وتنسق فيما بينها)، لكنها تعمل على “زيادة قدراتها النووية” التي لم تستكملها بعد، مع أن مثل هذا التقدير ليس بجديد.

وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه)، كانت في 2003 قد توصلت إلى خلاصة مفادها أن إيران “صرفت النظر” عن مشروع التسلح النووي. التقرير الحالي يوفر فسحة للإدارة للتشديد على تحذيرها، بل على تهديدها المبطن بأنها “لن” تسمح لإيران بامتلاك القنبلة. وربما هي تنوي الاستعانة بمتشدد مثل إليوت أبرامز، أحد صقور فريق “المحافظين الجدد” الذين كانوا وراء اجتياح العراق، لتعطي تحذيرها لإيران، صدقيته، ولو أن سمعة أبرامز لم تسعفه حين تم تكليفه في زمن الرئيس السابق دونالد ترامب بمهمة مبعوث للإطاحة بالنظام الفنزويلي، والتي انتهت إلى فشل ذريع.

ميدل ايست نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى