انباء نت – بغداد
المشهد السياسي العراقي يبدو انه يتجه نحو التصعيد، خاصة بعد تبلور مواقف القوى السياسية حيال الازمة الراهنة بعد الاشتباكات التي حصلت في “المنطقة الخضراء” بين متظاهري التيار الصدري والقوة الأمنية المكلفة بحماية المنطقة وما رفاقها من وقوع شهداء وجرحى بين صفوف الجانبين، ويبدو ان زيارة الأربعين جاءت كفترة هدنة للتهدئة لاستكمال مراسيم الزيارة المليونية في كربلاء المقدسة.
لكن الوضع القائم ينذر بمخاطر عدة قد تفتح الباب على احتمالات عديدة في ظل تطورات المواقف السياسية، لاسيما بعد المبادرة التي طرحها السيد “مقتدى الصدر” زعيم التيار الصدري الذي رفض عودة الكتلة الصدرية الى مجلس النواب بأي شكل من الاشكال، وهذا الموقف ترتب بعدما رفضت المحكمة الاتحادية العليا “اكبر مؤسسة قضائية للنظر في القضايا الدستورية والخلافية” حل مجلس النواب واعتبرته ليس من اختصاصها، لكنها أوضحت ان البرلمان الحالي خرق الدستور وجزاء ذلك هو الحل، وهذا يتم من خلال المادة “67” من الدستور التي رسمت خارطة حل البرلمان.
وردا على مبادرة زعيم التيار الصدري، اجتمعت القوى المتحالفة معه في التحالف الثلاثي والمتمثلة “بتحالف السيادة” اكبر قوة من المكون السني بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس تحالف عزم خميس الخنحر، وكذلك “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي يتزعمه مسعود البارزاني، اذ جاء اجتماع تلك الأطراف التأكيد على إجراء انتخابات مبكرة وفق السياقات الدستورية والقانونية من خلال عقد مجلس النواب وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات والتهيئة لحل مجلس النواب وتحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية جديدة.
تلك المواقف يبدو انها رسمت ملامح المشهد المقبل، فالصدريون مازالوا متمسكين بموقفهم حل البرلمان والاتجاه نحو إجراء انتخابات مبكرة مبكرة بوجود الكاظمي وصالح لترتيب الانتخابات وفق الباحث في الشأن السياسي هاشم الشماع.
وقال الشماع في حديث خاص لـ “انباء نت” على طول عمر الأزمة كان من “الضروري ان يقدم جميع الأطراف السياسية التنازلات بعضهم للبعض من أجل استمرار انسيابية العملية السياسية وعدم تعطيل مصالح البلد لكن للأسف العناد السياسي كان هو سيد الموقف، لاسيما من الإطار التنسيقي الذي لم يبادل الصدر بخطواته التنازلية على مدار 19 عاما الماضية”، موضحاً كأن الأمر “سباقٌ على السلطة لا سباق لتطبيق البرنامج الحكومي، وبعد كل هذه الأحداث الان المواقف أتضحت بشكل كبير، الإطار نحو حكومة توافقية مع أبعاد الكاظمي، والتيار الصدري مع حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة”.
الشماع اشار الى ان “تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني مع الانتخابات المبكرة لكن بوجود حكومة جديدة ولن يشتركا فيها مالم يكن الصدر موافق عليها”، معتقداً ان “زيارة الأربعين فرضت حالة شبيه بالهدنة بين جميع الأطراف لإيجاد مخرج سياسي”.
ويتابع “إصرار الإطار على عدم الذهاب إلى حل مجلس النواب واستمراره والعمل على انتخاب رئيس الجمهورية خاصة بعد تغريدة المالكي يوم أمس بعدم ضرورة الحديث عن حل البرلمان بعد قرار المحكمة الاتحادية”، مبيناً ان “البيانات الاستفزاز لن تخدم الحالة السياسية في العراق بل تؤشر الى التصعيد”، معتقدا أن اي “خطوة باتجاه عقد جلسة للبرلمان ستعود الاعتصامات والاحتجاجات من جديد وتتعطل الدولة مرة أخرى لكن هذه المرة بعيدا عن السيد الصدر”.
ويضيف ان ” الحراك سيكون من قبل الشعب دون تدخل الصدر فيه لان السيد الصدر انسحب من العمل السياسي وهنا أيضا تكمن خطورة إضافية اذا لم يكن للشارع ضابط يتحكم بانفعالاته، ففي المرة السابقة استطاع الصدر إطفاء النار خلال عشر دقائق، لكن هذه المرة لا يوجد ضامن لذلك”.
ويختتم الشماع حديثه ان “الحل الواقعي للخروج من هذه الأزمة هو حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة دون العمل على كسر الإرادات وهذا الحل أقرب إلى الاستقرار لكن الطرف الآخر مصر على العناد بفرض ارادته وهنا لن تصل الكتل السياسية الى مخرج حقيقي من الأزمة”.
في المقابل يرى الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر ان “تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني سيكونان الاقرب الى الاطار التنسيقي من السيد الصدر في هذه المرحلة، ومن الممكن ان تتشكل حكومة وتمضي المنظومة السياسية باستحقاقاتها الانتخابية والدستورية”.
ويضيف “من خلال هذا قد يجد الصدر نفسه وحيدا وربما يتجه نحو التصعيد”، لكنه يستدرك ويقول انه من “غير الممكن مرور حكومة من دون موافقة الصدر او تصعيده، فنحن امام خيارين”، مضيفا ان “الاطار سوف يواجه الكثير من الازمات والمشاكل وربما تعاد المواجهات في المرحلة المقبلة اذا ما استمر التصعيد والتشنج في المواقف والرؤى السياسية على حالها”.
اما بالنسبة للموقف الدولي ونظرة المجتمع الدولي للشأن العراقي فيرى البيدر ان “الموقف الدولي لا يتعلق بعزل الصدر بقدر ما هو موقف عراقي”، معتقدا ان البرنامج النووي الإيراني والمباحثات بشأنه ليس له التأثير الكبير على المشهد السياسي في العراق، فإيران بوجود البرنامج النووي وبدونه ترفض تسليم العراق وهي رافضة لان يتحكم به العراقيون لوحدهم فهي تتحكم بجزء كبير من المشهد، والمجتمع الدولي مع الشرعية في نهاية المطاف”.