السوداني يتوجه الى تركيا لبحث ملفات المياه والأمن والتبادل التجاري
تحدثت تقارير صحافي عن زيارة مقررة لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى تركيا، يوم غدٍّ الثلاثاء، على رأس وفد حكومي يضمّ وزير الموارد المائية عون ذياب، وعددا من المسؤولين، لبحث ملفات المياه والأمن والتبادل التجاري بين البلدين، في وقتٍ يشهد العراق، نقصاً حاداً في مناسيب المياه المُغذّية لنهري دجلة والفرات، والتي تعتمد على الإطلاقات المائية التركية والإيرانية بشكل رئيس، لتغذيتها، وسط تحذيرات من إقبال أهوار الجنوب على «كارثة» بيئية نتيجة شحّ المياه.
وسبق أن تلقى دعوة رسمية (في 10 كانون الثاني/ يناير الماضي) من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، لزيارة تركيا، ووعد بتلبيتها.
وتحدّث ذياب، أمس، عن زيارة مرتقبة لوفد حكومي إلى تركيا بشأن الحصص المائية، فيما أشار إلى السعي لوضع برنامج عمل مع أنقرة بشأن تشغيل السدود التركية.
وقال للوكالة الرسمية إن «الزلزال والهزات الأرضية التي حدثت في تركيا أثرت بشكل كبير في المباحثات بشأن الحصص المائية والتي كان مخططاً لعقدها» مضيفاً: «التقينا مع السفير التركي في مقر الوزارة وتم التباحث حول نقاط حيوية جداً».
وأوضح أن «السفير أبدى استعداده للتفاهم على عدة نقاط ونقلها إلى المسؤولين الأتراك» مشيراً إلى أن «هناك زيارة مرتقبة على مستوى رفيع جدا من الحكومة إلى تركيا الأسبوع الحالي، وسأكون مشاركاً بها».
وأعرب عن أمله «من هذه الزيارة أن تخرج بنتائج إيجابية بشأن مساعدة العراق بتعزيز خزينه المائي لمواجهة الصيف المقبل الذي سيكون قاسياً نسبياً» منوهاً: «إننا سنطلب من الجارة التركية الالتزام بالاتفاقات التي كانت سابقاً موجودة في إطلاق الكميات بنهر الفرات التي كان متفق عليها وهي 500 متر مكعب في الثانية على الحدود التركية السورية منها 290 مترا مكعبا للحدود السورية العراقية».
وبيّن أن «هذا محسوب على نسب موزعة بواقع 58٪للعراق و42٪ إلى سوريا، لكن للأسف فإن تركيا لم تلتزم في هذا الاتفاق منذ أشهر، والذي أثر على موضوع الخزين في سد حديثة» متوقعا أنه «خلال الزيارة المرتقبة عند طرح هذا الموضوع بشكل واضح لدى المسؤولين الأتراك، سنحاول التوصل إلى تفاهم في هذا الجانب بالنسبة للفرات».
تحد كبير
وبالنسبة لنهر دجلة، كشف ذياب عن «رغبة أو طلب واضح أن تزداد التصاريف من سد أليسو في اتجاه العراق لمواجهة الاحتياجات المائية في موسم الصيف المقبل، لأنه سيكون تحدياً كبيراً خلال الصيف المقبل. إننا نسعى إلى التوصل لاتفاق لبرنامج عمل مشترك لكيفية تشغيل السدود التركية بهدف وضع خطه تشغيلية داخل العراق، وهذا سنتوجه به في لقائنا الأخير مع المختصين في الجانب التركي».
في المقابل، انتقد النائب عن ذي قار، حسن الأسدي، الحكومة العراقية ومجلس النواب لـ«إهمالهما الأهوار وسكانها» وما يعانونه في مختلف مجالات الحياة، مطالباً بإعلان الأهوار «منطقة منكوبة».
بمسؤولياتهما، ولم يسعفا مجتمعاتها المحلية بالبنى التحتية من مدارس ومراكز صحية ومياه شرب نظيفة، بل وصل الحال بالتجاوز على حصتها المائية».
تأزم الوضع
وأضاف: «اليوم تأزم الوضع أكثر حيث توقفت محطات المياه في أقضية الإصلاح، وسید دخیل، والجبايش، والمنار، والفهود، وكرمة بني سعيد، وناحية الطار، وأصبحت المياه لا تصلح للاستخدام الحيواني فضلا عن البشري، فأي عدالة تلك وأي إدارة حكيمة للمياه ينتهجها القائمون على إدارة المياه في بلادنا؟».
وتابع: «لقد تضاءلت الإطلاقات المائية للأهوار إلى درجة كبيرة وتراجعت نسبة الإغمار من أصل الهدف المعلن للأهوار عام 2005، وقد تجاهلت الحكومة توصية المؤتمر 40 لليونسكو بتوفير الحد الأدنى من المياه لأهوار جنوب العراق ضمن ممتلكات التراث العالمي لإدامة النظام الإيكولوجي، وضعت خطة الإدارة على الرف ولم يتم العمل بها».
واعتبر أنه «من الغريب أن الحكومة ضربت بعرض الحائط التزاماتها الدستورية والأخلاقية بشأن مساعدة سكان الأهوار وإنصافهم بعد رحلة مريرة من التشرد وإيلاء اهتمام لمتطلبات حياتهم، لاسيما أنهم لا يشكلون ثقلاً على قطاع التوظيف فهم يعتمدون على وسائل العيش المستدام من تربية الجاموس وصيد الأسماك وحصاد القصب والحشائش الخضراء كأعلاف رخيصة الثمن، ناهيك عن عمق مجتمعاتهم وجذورهم السومرية وطبيعة سكنهم وفرادة تقاليدهم». وطالب الحكومة بـ«إعلان الأهوار منطقة منكوبة وتوفير حصة مائية عادلة وإدارة الجفاف بفريق عمل متكامل وتوفير أعلاف مدعومة الأسعار لجاموس لا يجد ما يشربه من المياه، وشمول سكان الأهوار بشبكة الرعاية الاجتماعية وإطلاق تخصيصات المادة 140 من الدستور وإيصال المياه الصالحة للشرب في هذه المناطق، فليس من الانصاف أن تنعم محافظات عديدة بالزراعة والمياه نقية وأحواض الأسماك دون محاسبة، وأبناء الأهوار يستخدمون مياه تكاد تكون مياه صرف صحي في أنشطتهم اليومية».
ؤأكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الأحد، انبثاق حكومته بعد مخاض عسير، وفيما جدد تعهده بالمضي في مكافحة الفساد، أكد أن لا تهاون مع من يتسبب باستغلال أموال الشعب لمصالح ذاتية أو حزبية.
وأفاد في كلمته بانطلاق «مؤتمر بغداد للحوار» الذي انطلقت أعماله أمس ويستمر مدّة يومين، قائلاً: «أشكر المعهد العراقي للحوار على تنظيم هذا المؤتمر، وأرحب بالباحثين والأكاديميين والمتخصّصين الذين جاؤوا من كل مكان للمشاركة، مما يدل أن العراق استعاد مكانته الطبيعية حاضناً للحوارات والمؤتمرات».
وأضاف: «على أعتاب الذكرى العشرين لسقوطِ النظامِ الديكتاتوري، نستذكرآلامَ شعبِنا ومعاناتهِ في تلك السنين التي سادتها الحروبُ العبثيةُ والتخريبُ الممنهج، حتى جاءت لحظة التغيير في عام 2003، وصار شعبُ العراقِ صاحبَ القرارِ فتقاطرت جموعُ العراقيين في سنةِ 2005 نحوَ صناديقِ الاقتراعِ بانتخاباتٍ تتحدّى القذائفَ والهجماتِ الإرهابيةَ الانتحاريةَ».
ووفقاً له، فإن التحدي الأهمّ بدأ «عبر اختيار دستورٍ دائمٍ يُنهي الحالةَ الشاذةَ التي سارَ عليها النظامُ الديكتاتوري، الذي صاغَ دستوراً مؤقتاً يوافقُ مزاجَه، من دون أي اعتبارٍ أو مراعاةٍ للحقوقِ الأساسيةِ لجميعِ العراقيين» موضحا إن العراقيين اختاروا «في 15 تشرين الأول /أكتوبر 2005، دستوراً دائماً يؤسسُ للمواطنة، ويضمِنُ كلَّ الحريات، وصارَ السقفَ الآمنَ الذي يستظلُّ به العراقيون، بعد أنْ عاشوا تحتَ ظلالِ الخوفِ والقهر».
وتابع: «مرّت على أبناء شعبنا مرحلة قاسية بسبب الإرهاب، فكانت مناظرُ الجثثِ الملقاةِ في الشوارعِ جراءَ القتلِ على الهُوية، غريبةً على العراقيين الذين تعايشوا لمئاتِ السنين، وهم يتقبلون بعضَهم بلا حساسيةٍ أو استنفارٍ طائفي، أو كراهيةٍ عنصريةٍ أو قومية» لافتاً إلى «صدمةُ احتلالِ تنظيمِ داعش الإرهابي لمناطقً واسعةٍ من محافظاتِنا، ثم استنفرَ العراقيون جميعاً، بعد فتوى الجهادِ الكفائي، ولملموا شملِهم، وتزاحموا على السواترِ ليسطروا أروعَ القصصِ عن شعبٍ تجاوزَ جراحَه، وخاضَ أشرسَ المعاركِ لتحريرِ أرضهِ من أسوأِ عصابةٍ إرهابية».
ولفت إلى أن «بعد أن عبرنا المحنة، كانت آثار التلكؤ واضحة، وأخذت الشكوى من سوء الإدارة وهدر الأموال بالتنامي، وشهدنا الكثير من علامات السخط إزاء عدم قدرة مؤسسات الدولة على الإصلاح والقيام بواجباتها، وبعد مخاضٍ عسير، خلالَ سنواتِ ما بعدَ التحرير، جاءت حكومتنا الحالية».
وأشار إلى أن «هذه الحكومةُ التي رسمت برنامجاً طموحاً وشاملاً يعملُ على النهوضِ بالعراق، والسيرِ بهِ نحوَ استثمارِ كلِّ ثرواتهِ وطاقاتهِ وتوظيفِها لتعويضِ ما فاتهُ من سنواتِ الخراب» معتبراً أن الأهم «هو السيرُ بالعراق إلى ضفافِ الهدوءِ السياسي بعيداً عن الخلافاتِ التي عطلتنا كثيراً عن خدمةِ أبناءِ شعبِنا الذين طالَ صبرُهم علينا. فعقدنا العزمَ، وتوكلنا على الله، لننجزَ ما تلكأَ إنجازَه، ونبني ما تمَّ التخطيطُ له».
وزاد: «ننطلق من الثقة بمقدراتِ البلدِ لتحريكِ مفاصلِ الاقتصادِ وخلقِ فرصِ عملٍ جديدة، وتطويرِ الخدماتِ ومكافحةِ الفقرِ وتوسيعِ دائرةِ المشمولين بالرعايةِ الاجتماعية، واحياءِ الضمانِ الصحي، ويشاركُنا في هذه البرامج، القطاعُ الخاصُّ الذي منحناه دوراً مهماً في الموازنةِ الاستثنائيةِ التي صوّتنا عليها لثلاثِ سنواتٍ في خطوة جريئة، تعبيراً عن رؤية واضحة تؤسس لمرحلة جادة ومختلفة، ولتنطلق حركة الإعمارِ والتي سنتابعُها بدقة، سواءٌ عبر المتابعةِ الشخصية أم عبر اللجانِ الحكوميةِ التي شكلناها».
وواصل: «لنْ نتهاونَ هنا مع أيِّ تراجعٍ أو تلكؤٍ أو خللٍ قد يتسببُ باستغلالِ مالِ الشعبِ لمصالحَ ذاتيةٍ أو حزبيةٍ أو فئوية. فالثروةُ الوطنيةُ ملكُ العراقيين جميعاً. عازمون على مكافحةِ جائحةِ الفساد، تلك المعركةُ الكبرى التي إنْ تهاونّا فيها خسرنا كلَّ معاركِنا الأخرى». وطبقاً للسوداني فإن «الانتصارُ لا يأتي إلا من التعاونِ بين كلِّ مؤسسات الدولة، فتضافرُ جهودِ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، سيعبدُ الطريقَ لتحقيقِ كلِّ الأهدافِ المرسومةِ التي لا نبتغي منها سوى وجهِ اللهِ والعراق، ورضا شعبِنا» عادّاً إن «التحديَ الأكبرَ هو استعادةُ ثقةِ المواطنِ التي تراجعت نتيجةَ ضعفِ الأداءِ وكَثرةِ الوعودِ والأقوالِ وقلّةِ الأفعالِ والإنجاز».
وبيّن أن «النظامَ الذي قضى وانتهى بشخوصهِ وتشكيلاتهِ لا يزالُ مقيماً في الكثيرِ من المرافق، وما زلنا نعاني من منظومةٍ قانونيةٍ باليةٍ وبعقليةٍ مركزيةٍ متخشّبة، ما يتطلبُ الحزمَ في الإصلاحِ والإسراعَ في وضعِ الأمورِ بنصابِها الصحيح» لافتاً إلى إن «الماضي بكلِّ ما فيهِ من محنٍ وخراب، قد صارَ درساً مهماً لنا اليومَ لنثبتَ، لأنفسِنا وللعالمِ أجمع، أنَّ العراقَ مهما تسلقت على ظهرهِ المحن، ومهما خذلتهُ أقدارهُ بسببِ الديكتاتوريةِ وسوءِ الإدارة، فإنَّه يمتلكُ الإرادةَ والمقوماتِ على النهوضِ والعودةِ إلى حيثُ الأماكنُ الي تليقُ به».
وختم بالقول: «إننا نمتلكُ ثرواتٍ متنوعةً هي مصدرُ قوةٍ لنا. ثرواتٍ بشريةٍ ومكوناتيةٍ وطبيعيةٍ وحضاريةٍ وثقافية. وهي ثرواتٌ تجعلُ العراقَ بلداً قادراً على صنعِ الفرادةِ والتميز».
نقلا عن صحيفة القدس العربي