انباء نت – بغداد
يستمر المشهد السياسي العراقي بتأزمه الذي شارف على ان يكمل سنة كاملة منذ اجراء الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في العاشر من تشرين الاول الماضي، والتي اظهرت نتائجها فوز التيار الصدري في المركز الاول.
لكن منذ اعلان تلك النتائج والبلاد دخلت في اتون انسداد سياسي تفاقم بشكل كبير وصل الى حد الاقتتال بين انصار التيار الصدري وقوة عسكرية خاصة في المنطقة الخضراء، وتلك التطورات حصلت بعد فشل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وحلفائه تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني من تشكيل حكومة اغلبية وطنية، وهو ما دفع الصدر الى الانسحاب من البرلمان والتنازل عن المضي بمشروعه.
وفي خضم تلك التطورات جاءت زيارة الأربعين وكأنها دخلت وسيطا لفرض هدنة بين المتخاصمين ليؤجل الحسم الى ما بعد الزيارة، لتبقى جميع الاحتمالات مطروحة على ارض الواقع، لا سيما مع اصرار اطرافا من الإطار التنسيقي المضي بتشكيل حكومة برئاسة محمد شياع السوداني وعقد جلس للبرلمان خلال الايام المقبلة.
في الوقت ذاته كشف مصدر سياسي يوم الأحد، ان هناك راي في الإطار التنسيقي يتجه نحو التجديد لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، لولاية ثانية لمنع انزلاق الامور الى منحنيات خطيرة قد تكون بداية لاندلاع نزاع مسلح بين ابناء المكون الشيعي، خاصة ان مشاهد مع حصل يوم 30 اغسطس ما زالت حاضرة وما رافقه من ارتقاء شهداء.
وقال المصدر، ان “ثمة اطرافا سياسية لها ثقل سياسي في الإطار التنسيقي تذهب الان باتجاه التجديد لولاية ثانية لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، هو ما تنفيه اطراف اخرى من قوى الاطار”
ويضيف، ان “ابو جهاد الهاشمي (وكوثراني المكلف بمتابعة ملف العراق من حزب الله اللبناني) يؤيدهم زعيم تحالف الفتح هادي العامري، سعو لإقناع اطرافا في الاطار التنسيقي، بقبول مصطفى الكاظمي لولاية ثانية”، مضيفا ان “هناك شبه عدم اتفاق على قبول الكاظمي لولاية ثانية”.
ويشير المصدر الى ان “اطرافا في الإطار التنسيقي رفضت ما ذهبت اليه تلك الجماعة، وهي مصرة على المضي بتشكيل الحكومة يرأسها محمد شياع السوداني والمضي بعدم ابقاء الكاظمي على سدة الحكم في رئاسة الوزراء” موضحاً ان “تلك الاطراف تتمثل بائتلاف دولة القانون وكتلة الصادقون التي يتزعمها الشيخ قيس الخزعلي، بالاضافة الى تيار الحكمة بقيادة عمار الحكيم”.
وهذا ما اكده بيان صادر عن الإطار التنسيقي في اجتماعه الاخير الذي عقد اليوم الاثنين، ان “القوى السياسية في الإطار اجتمعت وشددت على عدم التجديد للكاظمي لولاية ثانية والأصرار على مرشحهم محمد شياع السوداني بتشكيل حكومة جديدة، والأستعداد للترتيب مع حلفائه لإستئناف عمل مجلس النواب في الإيام المقبلة”
وتلك التطورات في البيت الشيعي وما اشيع عن حدوث انقسام بين اقطابه والاختلاف الذي يهدد بفرط انعقاده يتحدث الكاتب والمحلل السياسي لإنباء نت عصام حسين الذي يقول ان “الإطار التنسيقي تعتمد اطرافا فيه على قوة التسقيط لخصومهم وايضا لأطراف من الداخل، وهذا يستهدف بعض القادة اذا ما حاولوا أن يكون لهم رأي مخالف، لذلك هناك خوف وجبن من بعض القيادات داخل الإطار التنسيقي”، مشيرا الى ان” يكون هناك خلاف شديد ومن ثم يستدركون هذا الخلاف بإتفاق معين، وهذا يؤسس الى انه لا وجود لاتفاق حتى يوجد انشقاق، وهذا ملاحظ من خلال اذا ما جهة ارادت ان تشكل الحكومة يحدث خلاف على من يتزعم الإطار التنسيقي والبيت الشيعي”.
ويضيف، “متى اتفقت قوى الإطار على منهج واحد، الصراع كله على المصالح والمغانم والمكاسب والإيرادات الحكومية خاصة بعد ان وصلت الى (90) مليار دولار وهذا الرقم يسيل له لعاب اغلب الكتل السياسية”، مردفاً ان “الإطار لم يجتمع حتى ينشطر وإنما اجتمع على هدف محدد وهو تشكيل الحكومة والبقاء في مصدر القرار السياسي والاقتصادي السيطرة عسكريا على الدولة وهذا منهجهم وطموحهم وهي عقلية مسلحة تريد ان تسيطر وتحكم العراق لسنوات مقبلة”.
ويردف حسين، ان “في عقلية بعض قيادات الإطار ان المصلحةَ تقتضي البقاء مع المالكي فلا بأس بالبقاء معه لتحقيق تلك المصلحة ومن ثم انفراط ذلك العقد والاجتماع، لذلك ان المرحلة المقبلة ستكون اسوأ اذا شكل الإطار التنسيقي الحكومة المقبلة، نتيجة الانقسام داخل بنيته”.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي عصام حسين، الى انه “ليس هناك ازمة سياسية بل صناعة أزمة وهي التي صنعها الخاسرون في الانتخابات، أفرزت ما وصلنا اليه بعدم تشكيل حكومة لمدة سنة كاملة وعليه الاحتكام الحقيقي هو لصناديق الأقتراع ولمخرجات الديمقراطية والكتلة الفائزة وتحميلها المسؤولية الكاملة في تشكيل الحكومة لأربع سنوات”، ومستدركاً بالقول، ان “السياسة الإيرانية هو الاستحواذ على السلطة ولو بقوة السلاح وهو ما ينطبق على سوريا والعراق ولبنان واليمن، وان جرى ذلك بالحرب الأهلية حتى وان تضرر شعب كامل وهذا ما يحصل في لبنان”.
ويختتم قوله، انه “لابد من الاحتكام للديمقراطية وصناديق الاقتراع، والصراع الان هو من اجل الديمقراطية لا من اجل السلطة والحكم، ونحن كصدريين نعتبر الصراع الان من اجل الديمقراطية والاحتكام لصناديق الاقتراع”.
في تطورات المشهد السياسي، اشارت مصادر سياسية الى ان حلفاء الصدر السابقين وهم كل من تحالف السيادة الديمقراطي الكردستاني، يبدوان انهما رتبا اوراقهما مع قوى الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة القادمة والاستعداد لتشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي اكده الباحث السياسي والأكاديمي احسان الشمري، الذي قال ان “تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني بحث مع قوى الاطار التنسيقي تقاسم الوزارات ومن المرجح انها قطعت اشواطا طويلة في هذا الأتجاه”.