أنباء نت
لا يخفى على احد ان الوضع المجتمعي في العراق لا سيما في مناطق الوسط والجنوب، تسوده حالة من الترقب والحذر خاصة بعد اعتقاد ساد عند الصدرين ان صفحات على منصات التواصل الاجتماعي تابعة لحزب الدعوة تتهجم على المراجع الدينية وتسيء اليها، ما اثار حالة من الرد المجتمعي العاطفي بالدخول الى مقار احزاب ومنها حزب الدعوة الى غلقها وحرق البعض الاخر.
تلك الحالة اثارة موجة من ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي، والتي دعا فيها الكثير من المدونين الى اقرار قانون يجرم الاساءة للرموز والمرجعيات الدينية، وهو الامر الذي دفع بالقضاء العراقي الى توجيه المحاكم المختصة بتشديد الاجراءات بحق مرتكبي “جرائم الاساءة” الى الرموز والمعتقدات الدينية.
وذكر اعلام القضاء في بيان، أنه “بالنظر لشيوع جريمة الاساءة للرموز والمعتقدات الدينية في الاونة الاخيرة، وجه مجلس القضاء الاعلى المحاكم المختصة بتشديد الاجراءات القضائية بحق مرتكبي هذه الجرائم التي تشكل مخالفة صريحة لاحكام المادة 372 من قانون العقوبات النافذ ودعوة مجلس النواب الى ضرورة المضي في تشريع قانون الجرائم المعلوماتية بما يكفل حسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وعدم استخدامها منصات لاثارة الفتن وزعزعة الامن المجتمعي والحفاظ على رمزية ومكانة المرجعيات الدينية والاجتماعية والسياسية”.
الجرائم التي تمس الشعور الديني في القانون يراها الخبير القانوني علي التميمي في حديث لـ”أنباء نت” أن “قانون العقوبات العراقي تناول في المادة ٣٧٢ بستة فقرات وبعقوبة تصل إلى الحبس ٣ سنوات على كل من اعتدى بطرق العلانية على معتقد لاحد الطوائف الدينية او حقر معتقداتها او شعائرها”
وأضاف أنه “من الملاحظ ان نص هذه المادة في الفقرات الـ6 جاء موسعا ومتشعب، وبه الشمولية وحسنا فعل المشرع الذي جاء بالمعاني المفتوحة حتى لا يفتح باب الاجتهاد في تطبيق النص فوضع لكل حالة معنا واضح محددا تحديدا دقيقا”.
وتابع التميمي ان “الاهم في هذه المادة ال٣٧٢، موضوع البحث ما يتعلق بنشر الكتب او الوثائق التي تسيء وحتى المنشورات والمطبوعات والتي يقصد منها الاستخفاف او الإهانة، وهذا يجرنا الى ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي من ذلك، حيث يوجد قرار لمحكمة التمييز الاتحادية اعتبرت ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي كالذي ينشر في وسائل الإعلام الاخرى”.
ولفت الى ان “موضوع الرقابة وإقامة الشكوى يجب ان ينهض على ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي وجهة الرقابة عليها مع عدم تشريع قانون الجرائم الإلكترونية وعدم وجود نص واضح في قانون هيئة الاعلام والاتصالات ٦٥ لسنة ٢٠٠٤ يتيح مثل هذا الرصد”، متسائلا “هل يمكن للادعاء العام بموجب قانون ٤٩ لسنة ٢٠١٧ في المواد ٢ و٥ منه ان يحرك الشكوى”، ويستدرك “كلها محتملة مع عدم وجود القانون الخاص الذي ينظم ذلك”.
وبين الخبير القانوني علي التميمي أن “الفقرة ٥ من المادة أعلاه نلاحظها توسعت كثيرا في إيقاع العقوبة واطلاق النص على الاساءة التي تطال اشخاص هم موضع احترام لدى طائفه معينة، كأن يكون عالم او مكتشف او حتى باحث، وليس رجل دين حصرا وإنما موضع احترام لدى طائفة معينة”,
ويختم بالقول: “اما مفهوم السخرية الوارد في النص فهو مفهوم عام قد يدخل فيه التهكم او التقريع او السماجة او النكتة او حتى الرسوم معكوسة المعنى …الخ…..ومن يقدر ذلك هو محكمة التحقيق ومحكمة الموضوع”
يشار الى أن كتلة قادمون النيابية، طالبت رئاسة البرلمان بإدراج مقترح قانون تجريم الإساءة لمراجع الدين والرموز الدينية على جدول اعمال جلسات البرلمان لإقراره.
ودعت الكتلة رئاسة مجلس النواب للموافقة على مقترح قانون ادراج تجريم الاساءة للمراجع والرموز الدينية
في المقابل يقول الباحث في الشأن السياسي عصام حسين في حديث لـ”أنباء نت” أن “قضية الاساءة للرموز الدينية ظاهرة جدا خطرة على المجتمع، لأنها تثير الكراهية وتعمق الاحقاد، وتكون دافعا نحو الاسوأ والحرب الاهلية، وهذا ما حدث بعد عام الفين واربعة”.
ويوضح أن “حرق مقرات الاحزاب، هو فعل مدان لكنه لن يثير حفيظة الجماهير، المهم ان لا تقترب من رموز الناس ليس الامر محصورا فقط في المراجع، فلا بد من احترام كل الرموز سواء كان سنيا او مسيحيا واي رمز اخر يعتقد به الناس، لان هذا شيء خاص بالإنسان وهو يمثل عقيدته، مهما كان انطباعك عنها او عدم احترامك لها”.
ويختتم بالقول: “القانون يجب ان يكون مشرعا لحماية الرموز والمراجع الدينة، وان لا يستغل القانون في تفرعات تقيد من حرية الانسان في التعبير عن رأيه، وأن حصل فهو امر سلبي على القانون بحد ذاته”.