الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر… أهوار العراق تشهد أشد موجة جفاف منذ 40 عاما
أنباء نت
دقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” ناقوس الخطر، محذرة من أن منطقة الأهوار العراقية تشهد أشد موجة جفاف منذ 40 عاما.
وجددت “فاو” دعوتها لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأهوار ومربي الجاموس في العراق من تغير المناخ الحاد وندرة المياه.
وحذرت المنظمة الأممية من العواقب الخطيرة لتغير المناخ وندرة المياه على الأهوار ومربي الجاموس في جنوب العراق.
وتشير التقارير الميدانية “المقلقة” لفريق عمل المشروع الذي تنفذه المنظمة بالتعاون مع وزارة الزراعة وتمويل الاتحاد الأوروبي إلى أن الأهوار تشهد أشد موجة حرارة منذ 40 عاماً، مصحوبة بنقص مفاجئ للمياه في نهر الفرات، حيث تظهر الاثار المدمرة على النظام البيئي ومربي الجاموس والمزارعين ومربي الاسماك في الأهوار.
واضطر الكثيرون من مربي الجاموس على مغادرة قراهم والهجرة إلى محافظات صلاح الدين، النجف، كربلاء وبابل في وسط العراق ومناطق اخرى، بحثًا عن مياه صالحة للاستعمال، والغذاء والأعلاف لمواشيهم وبحثاً أيضاً عن فرص العمل.
وأشارت “فاو” إلى أنه بعد النداء العاجل الذي أطلقته منظمة الأغذية والزراعة في 14 تموز/ يوليو 2022 لدعم مربي الجاموس وحماية النظام البيئي في أهوار الجبايش بمحافظة ذي قار، قامت المنظمة بدعم من الاتحاد الأوروبي وبالتنسيق مع وزارة الزراعة العراقية بتأمين دعم طارئ لأكثر من خمسة آلاف مزارع ومربي مواشي بأشكال مختلفة، ولكن يرسم الوضع الحالي في تموز/ يوليو 2023 صورة قاتمة للوضع.
وذكرت المنظمة أنه في 7 تموز/ يوليو 2023، وصلت تقارير مقلقة من الفريق الميداني لتنفيذ المشروع، حيث نقل ريسان محسن زغير، أحد أعضاء الفريق، معلومات مثيرة للقلق تسلط الضوء على الوضع الصعب في الجبايش.
وبينت أن منسوب المياه في نهر الفرات بلغ 56 سم فقط وفي الأهوار من صفر إلى 30 سم، وبمعدل جفاف خطير بلغ 90%، كما أدت مستويات الملوحة العالية والتي تجاوزت 6000 جزء في المليون إلى إثارة مخاوف المزارعين، وخاصة مربي الجاموس وصيادي الاسماك.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ما يقارب من 70% من الأهوار خالية من المياه وفق مركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة العراقية التابع لوزارة الموارد المائية.
وأرفقت المنظمة جدولاً لمستويات المياه والمواد الصلبة الذائبة في مواقع مختلفة في الأهوار تموز/ يوليو 2021-2022 و2023
وكذلك أرفقت رسماً يوضح تطور إجمالي المواد الصلبة الذائبة (جزء في المليون) في مياه الأهوار تموز/ يوليو 2021-2022 و2023.
ونقلت المنظمة في تقريرها قول خبير الثروة الحيوانية لدى منظمة الأغذية والزراعة في العراق، الشاذلي كيولي “تعاني جواميس الأهوار حاليا من سوء التغذية ويموت بعضها نتيجة تلوث المياه في الأهوار المنخفضة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة”.
ووفقًا لمعلومات الفريق الميداني لتنفيذ المشروع، فانه هناك مبادرة حكومية لتعميق القنوات والأنهار التي تغذي الأهوار وذلك لمعالجة ندرة المياه. ومع ذلك، وبسبب النقص الحالي في المياه، لم يتم إطلاق إمدادات المياه لرفع المنسوب في نهر الفرات.
ويتم حاليا تخصيص إمدادات المياه المتاحة لأغراض الشرب فقط، مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها مربو الجاموس والنظام البيئي للأهوار.
هذا وقد أكد صلاح الحاج حسن، ممثل “فاو” في العراق، أن “النقص الحاد في المياه وموجات الحرارة والجفاف في الأهوار قد عرّض مربي الجاموس والنظام البيئي بأكمله لخطر كبير، داعيا لاتخاذ إجراءات عاجلة على المدى القصير والمتوسط والبعيد للحؤول دون المزيد من الأضرار وضمان مستقبل مستدام لهذا الموقع التراثي العراقي العالمي”.
وأضاف ممثل المنظمة “تبذل منظمة الفاو في العراق مع الشركاء الوطنيين والدوليين جهوداً متواصلة لمعالجة التأثيرات السلبية لتغير المناخ وندرة المياه ومجابهة التحديات التي تواجه الأهوار”.
كما أكد المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، عبد الحكيم الواعر “نتابع بقلق كبير التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وندرة المياه في الاقليم وخاصة في مناطق الأهوار في جنوب العراق حيث إن منظمة الفاو بالتعاون مع الشركاء الوطنيين والدوليين ستعمل على تعزيز مشاريعها الحالية في المناطق الجنوبية لدعم مربي الجاموس والتخفيف من الآثار السلبية لندرة المياه وتلوثها وتغير المناخ الذي يهدد حياتهم وسبل عيشهم حيث إن حماية سبل عيش المزارعين والمربين في المنطقة والحفاظ على النظام البيئي مسؤولية جماعية”.
هذا وتجدد منظمة الأغذية والزراعة في العراق دعوتها جميع أصحاب المصلحة إلى تضافر الجهود ووضع كل الامكانيات المتاحة للحد من تفاقم الوضع.
وقالت “دعونا نعمل معًا بجد لحماية الأهوار ومواجهة تأثيرات تغير المناخ وندرة المياه للحفاظ على هذه الموارد الطبيعية ومجتمعاتها التي لا تقدر بثمن”.
وتتغذى الأهوار من نهري دجلة والفرات، والتي توفر بيئة طبيعية للأسماك والطيور والحيوانات، وتعد نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا، فضلا عن مناظرها وطبيعتها الخلابة، التي تجعلها من أبرز الوجهات السياحية بالعراق.
ويحذر الخبراء البيئيون من أن الخطر العاصف بالأهوار، لا يقتصر فقط على تدمير واحدة من أبرز معالم العراق الطبيعية الموغلة بالقدم، والإخلال بالتوازن البيئي لمناطق عراقية شاسعة، بل يمتد ليشمل حدوث هجرات جماعية أكبر لسكان مناطق الأهوار نحو مدن ومناطق أخرى.
ما يقود لاندثار مجتمع الأهوار من جهة، ويتسبب بضغوط كبيرة ديمغرافيا واقتصاديا وخدميا على المدن والبلدات، التي يقصدها سكان الأهوار من جهة أخرى والذين يعتمدون غالبا على مياه الأهوار لرعي وسقي جواميسهم ومواشيهم وصيد السمك والزراعة وخاصة زراعة الأرز.
وكانت اليونسكو بمناسبة إدراجها في لوائح التراث العالمي في 2016، قد وصفت الأهوار العراقية بأنها فريدة من نوعها، باعتبارها واحدة من أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم في بيئة جافة وشديدة الحرارة، وأنها تمثل ملاذ تنوع بيولوجي وأحيائي وموقعا تاريخيا لحضارة ما بين النهرين.