إنتاج النفط في البصرة.. ماعلاقته بالتلوث والإصابات السرطانية؟
يعاني العراق من تفاقم التلوث البيئي، الذي تعود مسبباته الى حرق الغاز المصاحب من عمليات استخراج النفط الخام في البصرة، والذي ادى الى ارتفاع حاد في الإصابات بأمراض السرطان في المحافظة.
وكشفت المفوضية العليا لحقوق الانسان، عن تسجيل ارقام صادمة بشأن الاصابات السرطانية في محافظة البصرة، مؤكدة تسجيل اصابات بين الأجنة.
وقال مدير مكتب المفوضية مهدي التميمي إن “محافظة البصرة تسجل سنويا 9 الاف اصابة بالامراض السرطانية”، مبينا أن “المحافظة سجلت 27 الف اصابة بالسرطان خلال اعوام 2018 و2019 و2020”.
وأضاف التميمي، أن “بعض مدن البصرة كقضاء المدينة سجلت اصابات بالسرطان بين الاجنة”، كاشفاً عن “ارتفاع غير طبيعي في الاصابات السرطانية داخل العوائل”.
وبشأن اعداد الوفيات بالسرطان، أوضح التميمي أن “نسبة الوفيات بالسرطان في البصرة تشكل 30% من نسبة الاصابات المسجلة سنويا”.
وأقر وزير البيئة العراقي، جاسم الفلاحي، أن التلوث المرتبط بإنتاج النفط يعد سببا رئيسيا وراء ارتفاع معدلات الإصابة محليا بمرض السرطان.
وجاءت تعليقات الوزير بعد أن كشف تحقيق أجرته بي بي سي عربي أن “المجتمعات التي تعيش بالقرب من حقول النفط في مدينة البصرة معرضة لخطر الإصابة بسرطان الدم”.
ويساور تلك المجتمعات الشك في أن الحرق “العبثي” للغاز المنبعث عند التنقيب عن النفط، ينتج ملوثات ذات صلة بمرض السرطان.
وتحدث وزير البيئة العراقي مع برنامج “HARDtalk”، الذي يبث على شاشات بي بي سي، على الرغم من أمر سري كان أصدره رئيس الوزراء العراقي، واطلعت عليه بي بي سي عربي، يمنع الموظفين من التحدث عن الأضرار الصحية الناجمة عن التلوث.
وتتعارض تلك التصريحات بشكل مباشر مع تعليقات سابقة أدلى بها وزير النفط، إحسان عبد الجبار إسماعيل، لبي بي سي عربي، نفى فيها أي صلة بين ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وتلوث الهواء بسبب النفط.
ولطالما ساور المجتمعات التي تعيش على مقربة من حقول النفط في البصرة الشك في أن ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الدم ناتج عن الغازات المحترقة في حقول النفط.
وتمثل الغازات المحترقة في هذه المواقع خطورة لكونها تتسبب في انبعاث مزيج قوي من ثاني أكسيد الكربون والميثان والسخام الأسود الملوث للغاية.
وكشف الفلاحي خلال لقائه مع برنامج “HARDtalk” أن وزارة النفط سبق أن منعت موظفيها من إجراء اختبارات مراقبة لرصد التلوث في حقل الرميلة النفطي الكبير.
ويحرق حقل الرميلة الغاز أكثر من أي حقل نفط آخر في العالم، وهو حقل تملكه الحكومة العراقية.
وقال، علي حسين جلود، 19 عاما، من شمالي الرميلة وأحد المتعافين من الإصابة بسرطان الدم: “هنا في الرميلة لا أحد يتحدث، إذ يقولون إنهم خائفون من التحدث خوفا من أن يُطردوا”.
بيد أن الفلاحي أضاف أن “الوضع تحسن وهناك الآن تعاون أكبر بين الوزارات”.
وقال إن “الإدارات ستتعاون لتغريم أو رفع دعاوى قضائية على أي شركة، محلية أو دولية، في حالة تسببها في حدوث أضرار بيئية”.
ولم تحصل أي من العائلات، على أي تعويضات عن إصابتهم بمشاكل صحية، على الرغم من مطالبات عديدة قُدمت لشركات النفط التي تعمل في المواقع.
وأكد الخبير في الشأن البيئي عادل المختار لموقع أنباء نت، يوم الثلاثاء، أن “العراق يعتبر ثاني أكبر دولة في العالم بحرق الغاز بعد روسيا وتعتبر كميات الغاز التي يحرقها العراق كبيرة، ومؤكد انها تؤثر على التلوث البيئي وهي احد الاسباب الكبيرة في هذا التلوث وبالتالي انعكاسه على الانسان”.
وأضاف، “العراق يتأثر كثيرا بالتغير المناخي والتلوث البيئي وهو احد المسببات الكبيرة على المواطن العراقي، نتيجة هدر الغاز المصاحب الذي يمثل 70% من الغازات المنبعثة والمصاحبة وهذا يؤدي الى تلوث كبير وبالتالي الاصابة بالأمراض”.
ولفت المختار الى أن “نتيجة ارتفاع نسب الغاز المحروق، الذي سيؤدي الى ظهور الأمراض السرطانية وهو مؤشر خطير، فكل المنظمات الدولية اشرت على هذا، حتى الان حاول العراق ان يستفيد من الغاز المحروق والذي يصل سنويا الى 17 مليار متر مكعب وهذا رقم كبير، لذلك تظهر السرطانات بصورة عامة في العراق”