ما علاقة مقايضة النفط العراقي بالغاز الإيراني في معاقبة 14 مصرفاً لتعاملها مع إيران بالدولار؟
أنباء نت
قد يكون فشل التخطيط سببا رئيسيا في عدم استقرار السوق العراقي، وارتفاع وانخفاض سعر صرف الدولار بين فترة واخرى، فوفق باحثين ومتخصصين بالسياسية النقدية والاقتصاد، فان الحكومة الحالية والحكومات السابقة، فشلت في وضع سياسة نقدية ومصرفية متزنة لا تهزها العواصف والتقلبات، فالقرار الامريكي المفاجئ وغير المتوقع متوقعة للكثيرين بإعلان واشنطن معاقبة 14 مصرفاً عراقياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الدولار، وهو ما يمكن أن يعيق إجراءات الحكومة العراقية في مجال الإصلاح الاقتصادي والسيطرة على السوق، فالمعلومات التي يجري تداولها في أسواق صرف العملات في العراق، فإن سعر الدولار وصل إلى 152 ألف دينار عراقي مقابل المائة دولار أميركي، بينما كان قبل القرار 147 ألفاً، في وقت يرى فيه مراقبون أنه قابل للزيادة خلال الأيام المقبلة بسبب تزايد الطلب على الدولار في السوق الموازية،
ولعل خيار الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني بمقايضة النفط العراقي مع الغاز الايراني، من اجل مواجهة حرارة الاشهر الثلاثة حزيران وتموز واب ولاستمرار تدفق الغاز الايراني وكذلك الطاقة الكهربائية بدلا من دفع الدولار الذي لا تسمح به واشنطن، وعلى ما يبدو ان ذلك القرار لم يعجب واشنطن، فهو في نظرها محاولة للالتفاف على العقوبات الامريكية على ايران، لا سيما مع عدم تلق العراق رسمياً قراراً أميركياً بالسماح له بتحويل ديون إيران المستحقة بذمته لمدة 120 يوماً حتى الآن
وكانت وزارة الخزانة الامريكية، فرضت الأربعاء، عقوبات على 14 مصرفاً عراقيا في حملة على تعاملات إيران بالدولار
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين القول إن “الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسيل أموال ومعاملات احتيالية”.
وأضافت الصحيفة أن “بعض هذه العمليات ربما تتعلق بأفراد خاضعين للعقوبات، مما يزيد المخاوف من إيران ستكون مستفيدة منها.
وقال مسؤول أميركي كبير للصحيفة: “لدينا سبب قوي للشك في أن بعض عمليات غسيل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأميركية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات”.
أما المصارف المشمولة بالقرار فان اغلبها يرفع شعارا اسلاميا وهي كل من “مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل والقرطاس الاسلامي للاستثمار والتمويل وكذلك الطيف الاسلامي ومصرف إيلاف ومصرف اربيل للاستثمار والتمويل والبنك الاسلامي الدولي ومصرف عبر العراق ومصرف الموصل للتنمية والاستثمار ومصرف الراجح ومصرف سومر التجاري ومصرف الثقة الدولي الاسلامي ومصرف أور الإسلامي ومصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل ومصرف زين العراق الاسلامي للاستثمار والتمويل”.
“لم يفهموا الدرس”
وفي هذا السياق يقول الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن في حديث لـ”أنباء نت” أن “جميع الحكومات السابقة والحاضرة واللاحقة، لا تعرف منهج النظام الامريكي الاستعماري حيث لا يعرف ولا يفرق معنى الصديق ناهيك عن العدو، تتصور الحكومة ان امريكا هي صديقة للعراق وبدأت بالارتياح، غير ان امريكا تراقب الامور وتحلل، فالباب المفتوح الذي اعتمده السوداني، هو امر جيد لكن الامريكان لا يرضون عنه، وخير دليل على ذلك قبله رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، لم يفهموا الدرس”
وأضاف، “الحكومات العراقية تعتقد ان امريكا هي المحرر للعراق ونفطه وهذا صحيح لا يختلف عليه اثنان، فالمحاولة التي قام بها السيد السوداني، من خلال المقايضة مع ايران النفط مقابل الغاز، اعتبرته امريكا نقطة التفاف على عدم التسديد بالدولار، وهذا امر واضح لدى اي اقتصادي، فكيف الحال بالولايات المتحدة الامريكية، والامر لا يتعلق بالنفط، فايران مليئة بالنفط، فهم يعرفون انه سيصرف على شكل عملة وهذا ما لا يسمح به ابدا”
وأوضح حسن أن “المقايضة ما ايران هي التي اوصلت الامور الى فرض العقوبات الامريكية الجديدة على 14 مصرفا عراقيا، وهو امر سيؤزم الامور ويرفع من سعر صرف الدولار، وهو امر ليس بالهين خاصة على مجتمعنا العراقي، وما يحصل هو نتيجة سياسات الحكومات الستة، مع تبدل الادوار والاشخاص”
“المصارف اماكن لبيع الدولار لإيران”
ولفت الى ان “المصارف المعاقبة هي بالأصل مراقبة من الجانب الامريكي وبمعلومات من داخل هذه المصارف، فهي اماكن لبيع الدولار الى الجارة الايران”
ويبين الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن أن “حل هذه المشكلة هو بالاعتماد على سعر الصرف، بسبب الرقابة غير الصحيحة لمكاتب الصيرفة، فلا جدوى من اسلوب المحاسبة والملاحقة، فهذه الطريقة قديمة وهمجية، ولا يمكن السيطرة على الدولار من خلالها”
وأوضح ان “الحل منع اي صيرة او منفذ لدفع الرواتب والسلف، الا ان يكون ملزما امام البنك المركزي برقم وهوية وتحديد نسبة الارباح، فمكاتب الصيرفة لا يجوز ان تفتح بهذه الطريقة، والارباح المستحصلة من بيع الدولار لا بد ان تكون متقاربة من المصارف”.
ويختم بالقول: أن “منفذ بيع العملة ما هو الا مركز لتدمير العملة العراقية، حيث يسمح لأي شخص ان يشتري ويبيع الدولار، والمتنفذين في الدولة كثيرون هم الذين يتحكمون بالأمور متخذين مبدأ الربح، والمستفيد من كل ذلك من هو في الدولة وما يهمه المنفعة الشخصية على المنفعة العامة”.
“المقايضة تتعارض مع العقوبات الأمريكية”
من جهته كتب الباحث الاقتصادي والاكاديمي نبيل المرسومي على صفحته في فيسبوك أن “الموقف الأمريكي من المقاصة بين النفط العراقي والغاز الإيراني، اعطت الولايات المتحدة سماحا لمدة 120 يوم للعراق لاستيراد الكهرباء من ايران وإيداع مدفوعاتها في بنوك غير عراقية في دول ثالثة بدلاً من حسابات مقيدة في العراق وسيتم أيضًا تقييد الأموال المودعة في الحسابات غير العراقية، مثل تلك المودعة في البنوك العراقية وستظل تتطلب إذنًا أمريكيًا لإيران للوصول إليها وللإنفاق فقط على السلع الإنسانية. والملاحظ على الاستثناء الخاص للعراق قد اقتصر على استيراد الكهرباء دون الغاز ما يعني ان الولايات المتحدة لم تعط اذنا للعراق بتسديد مستحقات الغاز الايراني المستورد ولا حتى استخدام مبالغة في توريد السلع الانسانية الى ايران وهذا ما يوضح اسباب تراكم مستحقات الغاز الايراني على العراق التي وصلت الى 11 مليار يورو . وهذ يعني إن المقاصة بين النفط العراقي والغاز الايران ستتعارض مع العقوبات الأمريكية التي تحظر أي معاملات متعلقة بالطاقة مع إيران وهذا سيجعل العراق معرضا لعقوبات أمريكية محتملة اذا ما مضى قدما في اتفاق المقاصة مع ايران”.
“ضربة موجعة”
في المقابل يقول الباحث السياسي والاقتصادي منقذ داغر في تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر “ضربة موجعة تلقاها القطاع المصرفي العراقي اليوم بمعاقبة 14 مصرفا من قبل وزارة الخزانة الاميركية لعدم التزامهم بالعقوبات وتعاملهم بالدولار الامريكي مع ايران.
١.هذا يثبت ما قلته هنا في اكثر من تغريدة عن تهريب الدولار للخارج وهو ما يزيد الطلب عليه ويرفع سعره.
٢.قرة عين البنك المركزي الذي نايم ورجليه بالشمس، فهذه العقوبات لا بد ان تكون لها هزات ارتدادية على القطاع المصرفي وسعر الدولار والاقتصاد العراقي”.
وقلل البنك المركزي العراقي، الخميس، من تأثير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على بعض المصارف بما يتعلق بعملية تحويل الدولار إلى خارج البلاد، في حين عزا ارتفاع اسعار صرف الدولار مقابل الدينار إلى قيام بعض التجار بالسحب من السوق السوداء.
جاء ذلك في بيان أصدره البنك المركزي العراقي بشأن حرمان بعض المصارف العراقية من التعامل بالدولار من قبل الولايات المتحدة.
وقال البنك المركزي في البيان، إنّ منع مصارف عراقية من التعامل بالدولار جاء على خلفية تدقيق حوالات المصارف للسنة الماضية (2022)، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية، وقبل تشكيل الحكومة الحالية أيضًا.
وأضاف البيان أن المصارف المحرومة من التعامل بالدولار الأمريكي، تتمتّع بكامل الحرية في التعامل بالدينار العراقي بمختلف الخدمات ضمن النظام المصرفي العراقي، فضلًا عن حقّها في التعامل الدولي بالعملات الأُخرى غير الدولار الأمريكي.
كما أشار البنك إلى تطبيق المنصة الإلكترونية للتحويل الخارجي يؤمّن سلامة معاملات التحويل ودقّتها من الجوانب كافةً، على وفق المعايير والممارسات الدولية، وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويشيد البنك الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية والمؤسسات المالية الدولية بهذا النظام، وهو يحظى بعنايتها، مع تنسيق عالٍ من تلك الأطراف، ومع مدقّق دولي معتمد.
وعن ارتفاع سعر الدولار امام الدينار ذكر البيان أن ما يُعلَن من سعر صرف في السوق يرتكز على الدولار النقدي الذي يمنحه البنك المركزي العراقي لتغطية طلبات المواطنين للسفر وغيره، وبسبب حاجة المواطن إلى العملة الوطنية يقوم بعض التجّار وغيرهم بسحب الدولار لأغراض التجارة أو غيرها، بعيدًا عن المنصة وبعيدًا عن سياقات التحويل الأُصولية، ممّا يؤدي إلى رفع سعر الصرف في السوق السوداء، التي هي ليست سوقًا موازية، ما دام مصدر الدولار البنك المركزي وليس من داخل السوق.
ودعا البنك المركزي الحكومة العراقية إلى وضع آلية للربط بين المستوردات، وما يثبت وجود تحويل مالي أُصولي يقابل قيمتها للحيلولة دون استخدام وسائل غير مشروعة في دفع أقيامها تشكّل ضغطًا غير مبرّر على الدولار النقدي، ويساعد من جهة أخرى في السيطرة على عمليات التلاعب والتهريب للاستيرادات.
المصدر: أنباء نت